تحليل إخباري: معركة “كسر عظم” بين البرهان و”إخوان” السودان

تحليل إخباري: معركة “كسر عظم” بين البرهان و”إخوان” السودان

بورتسودان، السودان – يواجه قائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، أزمة داخلية حادة مع قيادات من الحركة الإسلامية داخل صفوف قواته، في صراع يبدو أنه بلغ ذروته مع محاولة انقلاب فاشلة. التطورات الأخيرة تشير إلى أن العلاقة التي كانت قائمة على تحالف هش بين الطرفين قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، في ظل ضغوط داخلية وخارجية متزايدة.

محاولة انقلاب تفضح الخلافات العميقة

كشفت تقارير إعلامية سودانية عن إحباط محاولة انقلابية قادتها مجموعة من الضباط الموالين لحزب المؤتمر الوطني المنحل، وهو الجناح السياسي للحركة الإسلامية. هذه المحاولة جاءت ردًا مباشرًا على قرارات البرهان الأخيرة بإحالة عدد من كبار الضباط إلى التقاعد، وترقية آخرين. وشملت هذه القرارات قيادات رئيسية من التيار الإسلامي، أبرزهم اللواء نصر الدين عبد الفتاح، الذي كان يشغل منصب قائد سلاح المدرعات.

وقد أدت هذه القرارات إلى اعتقال أحمد هارون، رئيس حزب المؤتمر الوطني، واللواء عبد الباقي بكراوي، لاتهامهما بالوقوف وراء هذه المحاولة. وتشير هذه التحركات إلى أن البرهان قد قرر التصدي بشكل مباشر لنفوذ الحركة الإسلامية داخل الجيش، في خطوة تمثل نقطة تحول مفصلية في مسار الحرب القائمة في السودان.

صراع على السلطة والنفوذ

كان اللواء نصر الدين عبد الفتاح يُنظر إليه كـ”خليفة محتمل” للبرهان، خاصة بعد دوره البارز في العمليات العسكرية التي قادتها قوات البرهان في الخرطوم. يتمتع عبد الفتاح بدعم كبير من التيار الإسلامي الذي يرى في إبعاده ضربة قوية لمصالحه ونفوذه. هذا الغضب لم يقتصر على القيادات العسكرية، بل امتد إلى نشطاء الحركة الإسلامية، الذين اتهموا البرهان بالسعي للاستئثار بالسلطة المطلقة وتهميش حلفائه السابقين.

تعود جذور هذا الصراع إلى خلافات سابقة حول إدارة الحرب والسيطرة على القرار العسكري. فبعد تحالف سياسي وعسكري مؤقت بين البرهان والحركة الإسلامية، برزت التوترات بشكل علني. قادة إسلاميون بارزون، مثل المصباح طلحة وعبد الحي يوسف، وجهوا انتقادات حادة للبرهان، واتهموه بالضعف والعجز عن تحقيق النصر الكامل دون الاعتماد على الكتائب التابعة للحركة الإسلامية، مثل كتيبة “البراء”. هذه الانتقادات أشعلت غضب كبار ضباط الجيش النظامي، الذين طالبوا بضرورة استبعاد هذه الكتائب.

ضغوط دولية وداخلية على البرهان

يواجه البرهان ضغوطًا كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي. دول غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حذرت البرهان من التسامح مع الميليشيات الإسلامية، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات حقيقية ضدها لتجنب العواقب الوخيمة. هذه التحذيرات تزامنت مع استخدام ميليشيات إخوانية لأسلحة كيميائية ضد قوات الدعم السريع، وهو ما وثقته أجهزة استخباراتية غربية، وأدى إلى فرض عقوبات أمريكية على البرهان وقيادات في قواته.

في محاولة لتعزيز قبضته على السلطة وتقليل اعتماده على الميليشيات الإسلامية، قام البرهان بإحاطة نفسه بميليشيات أخرى على أساس قبلي، مثل “درع السودان” و”الأورطة الشرقية”، بالإضافة إلى مرتزقة أجانب. يرى المحللون أن هذه الخطوات، إلى جانب قرارات إعادة الهيكلة الأخيرة في الجيش، تدل على أن البرهان كان يتوقع هذا الصدام ويُعد له.

تحليل سياسي: مستقبل الجيش السوداني

يرى المحللون السياسيون أن القرارات الأخيرة للبرهان تهدف إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بعيدًا عن نفوذ الحركة الإسلامية، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا لمستقبله ومستقبل السودان. يرى الكاتب والمحلل السياسي عمار سعيد أن البرهان يسعى إلى تعزيز سلطته المطلقة وإظهار استجابته للضغوط الدولية، خصوصًا من واشنطن. لكن هذا التحرك قد يؤدي إلى صراع مفتوح مع جناح نافذ ومسلح داخل الجيش، مما يهدد بتعميق الفوضى في البلاد.

تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى قدرة البرهان على السيطرة الكاملة على الجيش وتهميش الحركة الإسلامية دون إشعال صراع داخلي أوسع، قد يغير من مسار الحرب القائمة في السودان.