تذوق السلع الفاخرة.. أساليب مبتكرة تدخل بـ«العاديين» إلى عالم يحتكره الأثرياء

حقائب بآلاف اليوروهات، وسيارات استثنائية، وساعات مرصعة بالذهب أو فنادق خمس نجوم، عالم من الرفاهية التي تراود أحلام الكثير من الفرنسيين، لكنها ممنوعة عنهم بحكم الأمر الواقع، غير أن هذا الوضع قد لا يستمر بفضل أساليب جديدة تمنحهم النفاد إلى عالم يحتكره الأثر
صحيح أن غالبية سكان فرنسا، أي 8 من أصل 10، لا يمكنهم الوصول إلى هذه المنتجات نظرا للأسعار الباهظة، غير أن وراء هذه النسبة المعلنة تختبئ تساؤلات أعمق: ما هو “المنتج الفاخر”؟ وهل العزوف عنه مرتبط فقط بالقدرة الشرائية، أم أن الأمر أوسع وأعقد من ذلك؟
ما هو المنتج الفاخر؟
السلعة الفاخرة ليست مجرد غرض يُشترى، بل رمز اجتماعي وثقافي يترجم الطموح والنجاح. فهي تجمع بين عدة عناصر أساسية: السعر المرتفع والجودة الفائقة والندرة والرمزية الاجتماعية وتجربة شراء مميزة، بحسب صحيفة “ويست فرانس” الفرنسية.
- السعر المرتفع: الذي يتجاوز بكثير متوسط السوق، إذ لا يعكس فقط تكلفة الإنتاج، بل أيضًا صورة العلامة وقيمة الندرة.
- الجودة الفائقة: من خلال استخدام مواد نادرة أو تصميم متقن أو حرفية متوارثة عبر الأجيال.
- الندرة: عبر إصدارات خاصة، توفر محدود، وإمكانية التخصيص.
- الرمزية الاجتماعية: حيث يمنح المنتج صاحبه مكانة واعترافًا ضمن نخبة معينة.
- تجربة شراء مميزة: خدمة شخصية، متاجر راقية، وطقوس تجعل من عملية الشراء حدثًا استثنائيًا.
من حقائب لويس فيتون وساعات رولكس إلى عطور غيرلان وفنادق الخمس نجوم، تتجاوز هذه المنتجات مجرد الاستعمال لتجسد أسلوب حياة وقيمة رمزية راسخة.
الرفاهية… امتياز الأقلية
في فرنسا، كما في غيرها من الدول، يبقى الولوج إلى الرفاهية الحقيقية حكرًا على شريحة صغيرة من المجتمع.
فحقيبة من هيرمس قد تكلف عشرات آلاف اليوروهات، وساعة من علامة عالمية يمكن أن يصل سعرها إلى مستويات لا يطيقها إلا الأثرياء. بالنسبة لغالبية الأسر، يمثل مثل هذا الإنفاق عبئًا ماليًا شبه مستحيل. وتعمل بيوت الأزياء نفسها على تعزيز صورة “الحصرية” عبر استراتيجيات تسويقية قائمة على الندرة، مما يعمّق الإحساس بأن الرفاهية ليست متاحة سوى للنخبة.
ديمقراطية الرفاهية… ملامح جديدة
ومع ذلك، الصورة ليست سوداء بالكامل. قطاع الرفاهية يسعى إلى التوسع تدريجيًا عبر مسارات متعددة:
- منتجات مشتقة بأسعار أقل، مثل عطور ديور أو شانيل التي تبدأ من بضع مئات من اليوروهات.
- البيع المستعمل أو الإيجار: منصات رقمية فتحت المجال أمام شراء أو استئجار منتجات فاخرة بأسعار أقل.
- الاستهلاك الرمزي: حيث يفضل بعض المستهلكين الادخار لاقتناء قطعة واحدة في حياتهم، كساعة أو حقيبة تُعتبر استثمارًا أو هدية شخصية مميزة.
بهذه الوسائل صار بالإمكان تذوق «طعم الرفاهية» ولو بشكل جزئي أو مؤقت.
الرفاهية… مفهوم نسبي
هل الرفاهية دائمًا مرتبطة بعلامة باهظة الثمن؟ ليس بالضرورة. فكثير من الفرنسيين يعتبرون أن عطلة قصيرة في الريف، أو عشاء في مطعم جيد، أو حتى وقت فراغ بعيدًا عن ضغوط العمل، كلها أشكال من الرفاهية الشخصية.
الجيل الجديد، على وجه الخصوص، يعيد تعريف المفهوم: السفر المستدام، شراء أعمال فنية محلية، أو خوض تجربة أصيلة قد تكون في نظرهم أكثر قيمة من اقتناء حقيبة عالمية.
بين الحلم والواقع
صحيح أن القول إن 80% من الفرنسيين لا يمكنهم شراء منتجات فاخرة يعكس واقعًا اقتصاديًا قاسيًا: أسعار فلكية، تفاوت اجتماعي، وتسويق قائم على الإقصاء. لكن هذا الحكم يحتاج إلى تعديل. إذ لم تعد الرفاهية حكرًا مطلقًا على الأغنياء، بفضل بروز صيغ جديدة للاستهلاك وبدائل ميسّرة.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز