الإرهاب في النيجر.. «لعبة الموت» تخلط الأوراق

الإرهاب في النيجر.. «لعبة الموت» تخلط الأوراق


خلال العقد الثاني من القرن الـ21، أعلن مرارا عن مقتل زعيم «بوكو حرام» السابق أبو بكر شيكاو، قبل أن يظهر مجددا في مقاطع فيديو.

ولم يكن شيكاو الوحيد الذي فند خبر مقتله بالظهور، لكن العديد من القادة الإرهابيين نفوا أيضا أخبار مقتلهم بنفس الطريقة أو اتضح مع الوقت أنهم على قيد الحياة أو أن وفاتهم أو حتى مقتلهم في وقت لاحق أكد أن «لعبة الموت» تربك فعلا الحرب على التطرف.

ومساء الخميس الماضي، أعلن جيش النيجر أنه “في 15 أغسطس (آب الجاري)، تمكنت القوات المسلحة النيجرية، في إطار عملية ذات دقة نموذجية، من تحييد سيء السمعة باكورا، واسمه الحقيقي إبراهيم محمدو”.

 وباكورا هو زعيم «بوكو حرام» بعد مقتل شيكاو في مايو/أيار 2021 عقب نزاع داخلي بين جناحين للجماعة.

وارتبط اسم “باكورا” بخطف أكثر من 300 تلميذة بكوريغا في نيجيريا في مارس/ آذار 2024، وبتفجيرات انتحارية استهدفت أسواقا ومساجد وتجمعات مدنية، وبهجمات ضد جيوش نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، بحسب الجيش النيجري.

وبحسب بيان الإعلان عن مقتله، فإن طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو النيجري شنت «ثلاث ضربات محددة ومتتالية على مواقع كان باكورا يسيطر عليها في جزيرة شيلاوا بمنطقة ديفا» جنوب شرقي النيجر، في حوض بحيرة تشاد.

وبمجرد الإعلان عن مقتل القيادي الإرهابي، اعتبر خبراء أنه من الضروري في مثل هذه الحالات تقديم دليل إما بنشر صور أو مقطع فيديو، وذلك لقطع الطريق على أي تلاعب من جانب الجماعة.

وعادة ما تفند «بوكو حرام»، بطريقة أو بأخرى، مثل هذه الأخبار حفاظا على معنويات مسلحيها ولعدم ترهيب مجنديها أو من تفكر باستقطابهم.

وتعد بوكو حرام من أبرز التنظيمات الإرهابية بحوض بحيرة تشاد التي تضم النيجر ونيجيريا وتشاد والكاميرون.

وقد أطلقت العام 2009 تمردا في نيجيريا بهدف إقامة إمارة وأسفر عن مقتل نحو 40 ألف شخص ونزوح أكثر من مليونين، قبل أن يمتد نشاطها الإرهابي إلى الدول الثلاث المجاورة.

نفي

كما كان متوقعا، لم يتأخر رد فعل «بوكو حرام» كثيرا، حيث نفى قيادي إرهابي مُقرب من زعيم الجماعة خبر مقتل «باكورا»، مؤكدا أن الإعلان «كاذب تماما».

وجاء في الرسالة المسجلة بلغة الهاوسا المحلية “أنا معه الآن، نحن معا”، واصفا الإعلان بأنه “دعاية”.

وبغض النظر عن صحة النفي من عدمه، تظل «لعبة الموت» تكتيكا مفضلا لدى العديد من التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها بوكو حرام، حيث عادة ما تفند أي إعلان رسمي بهذا الخصوص بهدف دعائي بحت.

وفي حديث مع «إذاعة فرنسا الدولية» (آر أف آي)، شدد فنسنت فوشيه، الباحث الفرنسي بالمركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا والمتخصص في شؤون بوكو حرام، على أنه «من الضروري توخي الحذر الشديد، إذ تم الإعلان مرارا عن مقتل العديد من زعماء الجماعات الإرهابية ثم نُفيت هذه الأنباء لاحقا».

وأضاف فوشيه: «حتى الآن لا يوجد سوى إعلان من السلطات فقط»، مشيرا في الآن نفسه إلى أنه «في حال صحّ الخبر، فهذا يعني القضاء على قائد إرهابي مهم».

وموضحا: «إنه زعيم أحد الفصيلين الرئيسيين في بوكو حرام، وهو من أشرف، في جوهره، على نوع من إحياء هذا الفصيل: جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد».

وتابع أنه «بعد مقتل شيكاو، واجه الفصيل (المذكور) صعوبات في مواجهة فصيل آخر مرتبط بتنظيم داعش، وكان في موقع قوة. وفي الواقع، جدد باكورة الفصيل إلى حد ما، لا سيما من خلال هيكلة نظام ضريبي ومحاولة تبسيط عدد من الممارسات، ونجح في إعادة إحياء الفصيل».

وأشار إلى أن باكورة «أرسى نظام قيادة شخصي للغاية، فنحن لا نواجه قيادة جماعية على الإطلاق مثل الفصيل الآخر المرتبط بداعش».

وخلص الخبير إلى أنه في حال تأكد مقتل «باكورا»، فسيكون لهذا الحدث تداعيات كبيرة، حيث «كانت صراعات الخلافة داخل حركة جبهة النصرة بعد وفاة شيكاو كبيرة، ويمكن للمرء أن يتخيل بسهولة التوترات الداخلية الراهنة».

وختم بالقول: «إنها أيضا حركة متناثرة جغرافيا إلى حد ما، لذا يمكن للمرء أن يتخيل بسهولة انقسامات داخل الحركة حول هذه الخلافة غير المؤكدة للغاية».

وبالإضافة إلى بوكو حرام الناشطة بمناطقها الشرقية، تكافح النيجر جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش في غربها، أي قرب حدودها مع بوركينا فاسو ومالي.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg

جزيرة ام اند امز

FR